«كن سندًا لروحك.. اتكئ على بعضك وقُم.. فلا الحياة ترحم ولا السقوط اختيار».. كلمات رافقت أحمد هارون خلال عامٍ ونصف العام، تشد من عضده إذا شعر بيأسٍ أو بإرهاقٍ.. خلال هذه الفترة، بدأت رحلة أستاذ اللغة العربية بقرية بهيج محافظة الإسكندرية مع القراءة؛ لكن بمفهومٍ آخر وبهدفٍ واضح كانت حصيلته فيها 150 كتابًا.
في البداية، كانت هذه وسيلة «هارون»، البالغ من العمر 23 سنة، للهروب من الضغوط الحياتية التي يمر بها، لكنها في لحظة ما أصبحت وسيلته للمشاركة في الموسم الثانى من المشروع الوطنى للقراءة، والذى تكلل بفوزه بالمركز الثانى بفئة «المعلم المثقف».
لم تكن هذه بداية «هارون» مع القراءة،؛ بل بدأ شغفه بها منذ سنوات الجامعة بسبب الدكتور محمود نحلة، مدرس النحو الذي كان يرفض طباعة كتبه ويحث طلابه على الذهاب للمكتبات للبحث عن المعلومات والعودة للمناقشة سويًا، إلى جانب صديقه المقرب سالم جمعة، صاحب الشهادة الابتدائية الذي يكبره بـ 18 عامًا، ليجتمع الاثنان معًا في لقاء أسبوعى لمساعدته في التعلم وقراءة الكتب والمناقشة فيها. «هارون» ولد في قرية تغلب عليها الطبيعة البدوية الصحراوية، فبينه وبين الإسكندرية ما يقرب من 50 كيلومترًا، وهو ما يجعله بعيدًا عن المكتبات الكبيرة التي تشبع شغفه، فقرر أن ينشئ مكتبته الخاصة بمنزله، والتى كانت فريدة من نوعها في القرية بما تجمعه من كتب في مختلف المجالات، حتى إنها تبهر كل من يراها.
«لم أكن أتخيل أن أكون صاحب المركز الثانى في لقب المعلم المثقف.. لكن كنت أثق بأننى سأحصل على مركز متقدم».. كانت هذه كلمات «المعلم المثقف» عن فوزه بالمشروع الوطنى للقراءة، مؤكدًا أن القراءة أكسبته الثقة بالنفس ومعرفة قدراته وإمكانياته.